تحت المجهر | سياسات "هيئة تحرير الشام" من فرض الأمن إلى دعم الاستقرار
يناير 11, 2022 2880

تحت المجهر | سياسات "هيئة تحرير الشام" من فرض الأمن إلى دعم الاستقرار

حجم الخط

تحت المجهر | سياسات "هيئة تحرير الشام" من فرض الأمن إلى دعم الاستقرار

 

أعادت حكومة الإنقاذ في إدلب تأهيل وتجهيز طريق حلب – باب الهوى الدولي في 7 كانون الثاني/ يناير 2022، حيث شملت عمليات الصيانة والتوسعة مسافة 12 كم بما فيها شق طريق جديد كلياً من مدخل المعبر التركي "Cilve Gözü" إلى المعبر السوري بطول 3 كم تقريباً.


وقام زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني بتدشين الطريق بنفسه، ولم يفوّت الفرصة لتوجيه خطاب يُظهر المشروع كخطوة "ضمن خطة شاملة للمنطقة بدأت منذ ثلاث سنوات باتجاه التنمية والتقدّم".


واِفتتَاح الطريق يأتي أيضاً بعد خطوات قامت بها الهيئة وحكومة الإنقاذ في إطار التنمية والاستقرار؛ ففي كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، تمَّ تعيين وزيرٍ جديدٍ للتنمية والشؤون الإنسانية، بالتزامن مع الإعلان عن البدء بتنفيذ مشروع المدينة الصناعية في باب الهوى، ومشروع إعادة تأهيل معبر الغزاوية الفاصل بين إدلب ومناطق الحكومة المؤقتة شمال حلب، إضافةً لاحتمال فتح المعابر التجارية بين خطوط التماس مع النظام السوري.


وفي منتصف أيار/ مايو 2021، كان الجولاني قد تحدَّث مع مجموعة من شيوخ العشائر عن المرحلة القادمة التي ستُركّز على بناء المؤسسات في مناطق المعارضة السورية، بعدما كان خطابه يضع الأولوية على فرض الأمن في هذه الأخيرة.
كما أنّ الجولاني بات يستبدل مفردات الهجوم والتحرير بأخرى تدلّ على الدفاع والردع، خلال أي خطاب يُلقيه في مناسبة عامة أو خاصة. ويبدو ذلك بمثابة رسائل طمأنة للسكان المحليين والتجار إزاء أولوية الهيئة في دعم الاستقرار.


إذاً، هناك مؤشرات على وجود تحوّل في سياسات الهيئة من أولوية فرض الأمن إلى دعم الاستقرار، ويُمكن القول إنّ تفكيك تنظيمي "جند الله" و"جنود الشام" أواخر تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021، يحمل في أهدافه تأكيداً على استكمال فرض السيطرة الأمنية على المنطقة، بعد الانتهاء من تفكيك تنظيم "حراس الدين" بشكل كامل في النصف الأول من العام نفسه.


ويبدو أنَّ الهيئة تتهيأ للانسجام مع التحوّل في السياسات الدولية تجاه سورية، بعدما باتت تُركّز على دعم حالة الاستقرار عبر التعافي المُبكّر؛ نتيجة الحفاظ على وقف إطلاق النار، وفرص تحويل خفض التصعيد إلى تجميد للنزاع، وتوسيع الاستثناءات الإنسانية ضمن عقوبات قيصر، وتوسيع آلية تدفّق المساعدات لتشمل الحدود وخطوط التماس.


عملياً، تحاول الهيئة من خلال هذا التحوّل تقديم نفسها كطرف محلي قادر على القيام بدور محوري في عملية دعم الاستقرار والتنمية شمال غرب سورية. هذا عدا عن العوائد الكبيرة التي ستحظى بها جرّاء تدفّق أموال الاستثمار في حال تركيز الدعم الدولي على مشاريع التنمية، وإن كانت في الإطار الإنساني.


ومع ذلك، فإنّ الهيئة قد تواجه الكثير من الخسائر لا سيما وأنّ روسيا لن تفوّت فرصة استهداف المنشآت الاقتصادية والتنموية، في حال انسداد أُفق المباحثات مع تركيا والولايات المتحدة على حدّ سواء، لا سيما وإن كان هناك خطر بتحقيق فارق مُتقدّم في التنمية ومستوى المعيشة ضمن مناطق المعارضة السورية مقارنةً مع مناطق النظام.


عموماً، من المتوقع، ورغم استمرار وجود خطر التهديد العسكري، استمرار الإعلان عن مشاريع وخطوات لدعم التنمية والاستقرار في إدلب، إلّا أن غياب العمل المؤسساتي الفعال إلى جانب الدور الثانوي لحكومة الإنقاذ قد يخلق صراع مصالح بين الأجنحة المتنافسة داخل الهيئة، مما يزيد من خطر أي تعويل للقطاع الخاص على جهود هذه الأخيرة في دعم الاستقرار، لا سيما مع غياب اليقين حول إمكانية إزالتها عن قوائم الإرهاب.